blockquote> أنا تخين I m obese: ذكريات 2

الأربعاء، 12 أكتوبر 2011

ذكريات 2




كان جالسا في محل البقالة الفقير الذي يملكونه
غارقا في القراءة كعادته
على صوت إذاعة لندن وراديو مونتي كارلو رفيقيه الدائمين
وكان الحر شديدا
وفجأة رفع نظره ليشاهد طفلين يمران من أمام المحل
البنت عمرها ७ سنوات تقريبا والولد لم يتجاوز ثلاث سنوات
كانت البنت ممسكة بيد الصغير وهو يلهو ويتقافز
وعاد إلى كتابه الذي يقرأه
حب في المنفى
ما أروعك يا بهاء طاهر
كانت الرواية تملأ حياته طوال يومين قضاهما في قراءتها
سأكتب رواية طويلة وسأكون في شهرته
هكذا قال لنفسه
كان يجيد كتابة الشعر والقصة القصيرة والمقالات
ظل طوال عمره يفكر ويسأل نفسه : هل يريد أن يكون شاعرا مشهورا كنزار قباني ، أم قصاصا بارعا كيوسف إدريس ، أم كاتبا مبدعا كمحمد حسنين هيكل
ولكنه لم يصبح شاعرا ولا قصاصا ولا كاتبا ولا أي شيء
عاش على الهامش
منكبا على مشكلته الخاصة التي مزقته من الداخل
مشكلة البدانة
وسيموت على الهامش أيضا
لن يترك أي أثر
وبينما هو مأخوذ تماما بأحداث الرواية سمع صراخ البنت الصغيرة
قام مسرعا إلى باب المحل
فرأى البنت الصغير على مسافة قريبة منه واقفة على حافة بئر الماء الممتلئ
وآلة جذب الماء دائرة
وتنظر إلى داخل البئر وتصرخ
أين الولد ؟
سأل نفسه وهو يشعر بالرعب
وجرى إلى البنت
نظر إلى أسفل فوجد الولد يطفو ثم يغرق ثم يطفو ثم يغرق
ماذا أفعل
كاد يجن وهو ينظر حوله
لم يجد أحدا
الكل يتحاشى الحر في هذا الوقت
ولثواني أخذ يفكر
كيف سيقفز بوزنه الثقيل داخل الماء
أحس بالخوف
وفجأة
ولا يعرف كيف
انشقت الأرض عن أم الصغير
جاءت مهرولة وهي تصرخ
وقد فكت شعرها
لا يعرف كيف عرفت
وكادت الأم أن تلقي نفسها في الماء
واحتقر نفسه
فلسوء الحظ جاءت الأم وهو واقف يتفرج
متردد في القفز إلى داخل الماء وهو يعرف أنه غالبا لن يخرج حيا
قفز إلى الماء لا إراديا
لم يكن هناك أي حل آخر
فحتى الموت سيكون أفضل من أن يعيش بعاره إذا سبقته الأم إلى داخل البئر
ولحسن الحظ وجد الماء يتجاوز صدره
فحمل الطفل بسرعة ورفعه إلى أمه التي انكفأت لالتقاطه
وتجمع الرجال على صرخاتها
ومدوا إليه أيديهم لينتشلوه
واعتبروه بطلا
رغم أنه لم يسامح نفسه أبدا على لحظة التردد التي فصلت بين موت الطفل وخشيته على حياته

.

هناك تعليقان (2):

  1. صباح الخير أحمد

    قصه جميله وكثيرا ما يحدث مثل تلك الأشياء

    حينما نكون أمام طريقين أحدهما يتطلب شجاعه كبيره

    والأخر نشعر فيه مع أنفسنا باللوم القاسى ان لم نقوم

    بتلك المخاطره

    أسعدنى المرور من هنا
    Rosittanita

    ردحذف
  2. أهلا بحضرتك
    افتقدناك كثيرا
    وبالمناسبة هي حادثة حقيقية أيضا
    تحياتي

    ردحذف