blockquote> أنا تخين I m obese: مارس 2012

السبت، 24 مارس 2012

نقوا - معي - أسماعكم وقلوبكم

يحكى أن 


أزرق ( لأحمد حلمي ) 


جيفارا مات ( للشيخ إمام ) 


اصحي يا مصر ( للشيخ إمام ) 


فلان الفلاني ( لمصطفى إبراهيم ) 


دفتر أسامي ( لمصطفى إبراهيم ) 



أم الشهيد جمال الفتوى تقف على قبره وتدعو له 

.

الأحد، 18 مارس 2012

حب ما تأكل ، ولا تأكل ما تحب


رن التليفون رديت فوجدت برما (بتتكلم من فين؟) فقال (من عند الدكتور أنس عبد الرحمن الذهبي استشاري طب الأطفال)، الدكتور أنس هو أول من عرفني علي برما، لكنني لم أعرف أن برما يتردد عليه في العيادة، سألت برما (حد من الولاد عندك جري له حاجة؟) فأقسم لي أنه لم- ولن - ينجب وأنه علي استعداد لتحليل الدي إن إيه لمن يشكك في هذه المعلومة، فقلت له لعل المانع خير!، فقال في بداية الزواج حدثت قصة فقررت ألا أنجب بعدها أبدا، قلت له (احكيهالي)، فقال لي طيب أقفل وكلمني علي تليفوني علشان الدكتور أنس عايز الموبايل بتاعه.

اتصلت فحكي (منذ تزوجت وأنا أري حمايا المسن يجلس في البلكونة دائما إلي جوار قصاري الزرع وإلي جواره ترابيزة عليها الصحف وعلب الأدوية وراديو مثبت علي إذاعة القرآن الكريم، لم أره يوما ما يمارس أي نشاط آخر، بدا أنه أب أنهي رسالته وجوز البنات والأولاد وجلس يستمتع بشيخوخته، وفي يوم كانت العائلة كلها في الطريق إلي المصيف، وتوقفت السيارات لالتقاط الأنفاس في استراحة الماستر، وأثناء تناولي للقهوة مع شقيق زوجتي شهق وضرب صدره بانزعاج سألته فيه إيه فقال لي..تصدق نسينا الحاج في البلكونة)، أنهي برما القصة ثم قال (بصراحة خفت بعدها من أن ألقي هذا المصير... فقررت ألا أنجب أولادا ممكن ينسوني في مكان أخطر من البلكونة).

(بس انت ماقولتليش بتعمل إيه عند الدكتور)، قال برما: كنت أستشيره بخصوص الذهاب إلي طبيب تخسيس، قلت له وهل تعاني من زيادة تستوجب منك الذهاب إلي طبيب؟، فقال لي : لم أتخذ قرارا بعد، فأنا لدي تحفظات علي موضوع الريجيم، فالريجيم قائم علي نظريات ثقيلة الدم ليس بها رائحة المشاعر الإنسانية، فالريجيم أن تأكل ما تحب بشرط ألا تبتلع شيئًا منه، وهناك نظرية أخري تقول إن الريجيم أن تأكل كما تحب من أصناف لا تحبها، وأنا بصراحة جربت الريجيم من قبل لمدة 28 يوما واكتشفت بعدها أن كل ما فقدته هو أربعة أسابيع من عمري، وقالوا لي زمان الأهم من الريجيم هو أن تتناول طعاما متوازنا وقضيت فترة في ضبط موضوع التوازن هذا فكنت أشتري ساندوتشين شاورمة فراخ من مؤمن وأضع كل واحد في يد ولا ألتهمهما إلا إذا تأكدت أن وزنهما في اليدين متوازن، بعدها لم أعد قادرا علي أن أدخل مؤمن من الباب ولأنهم ناس محترمون كانوا يسمحون لي بالدخول من باب الطيارين (بتوع الدليفري).

أنا أصلا كنت رفيع زمان - والكلام لبرما- وظللت طوال فترة المراهقة أسمع من أمي نصيحة واحدة (عشان خاطري ماتاكلش بسرعة) كانت تري أن نحافتي سببها إني لا أمضغ الطعام جيدا، وبعد الزواج كانت زوجتي توجه لي النصيحة نفسها تقريبا بس حذفت كلمة (بسرعة).

ضحكت فقال لي أنا أصلا تعرفت إلي زوجتي في مطعم، وكان هذا اللقاء هو حكمة حياتي الزوجية، كانت الخروجة جماعية وطلب كل واحد طبقا مختلفا وعندما نزلت الأطباق نسيت ما أمامي وظللت أتطلع إلي ما يأكله أصدقائي وأري طبقي هو الأقل إمتاعا، علي الرغم من أنني اخترت طبقي بنفسي وعن قناعة كاملة، ثم اكتشفت أنني أمارس الطقس نفسه بعد الزواج ولكن علي مستوي الزوجات.

قلت لبرما أعتقد أنه حال معظم المتزوجين، قال برما : أقضي ساعات أشاهد إعلانات قبل وبعد، واكتشفت أنني قابع في مرحلة قبل منذ سنوات وبمرور الوقت اكتشفت أنني تجاوزت هذه المرحلة ودخلت مرحلة (قبل الميلاد)، كنت أري الإعلانات وأسأل نفسي إن كانت صادقة (مستحضرنا يجعلك تفقد أربعة كيلوجرامات في أسبوعين؟) الأمر الذي يعني أنني قد اختفي تماما بنهاية العام إذا واظبت علي هذه المستحضرات، كانت الإعلانات تصر علي موضوع الفقد هذا إلي أن اكتشفت بعد شراء المستحضرات أنني لم أفقد سوي نصف دخلي الشهري.

قلت لبرما بصراحة الأكل متعة فقال لي : تعرف ما هي مشكلة الطعام؟..المشكلة أن ما يستقر فوق لسانك لثوان يستقر فوق أردافك إلي الأبد، وبصراحة لقد اكتشفت أني وزني ازداد عندما صرت أقف لفترات طويلة أمام المرآة (بالجنب)، فكرت في أن أمنع دخول الطعام إلي المنزل نهائيا وطلبت من زوجتي أن (تروح تاكل عند أمها)، أصبح البيت خاليا من حتي ذرة ملح إلي أن ضبطت فأرا يدخل من البلكونة في يوم ويحمل فوق رأسه قطعة جبن، هنا صعبت عليا مراتي فسمحت لها بالعودة، أشارت علي زوجتي بعدها باتباع نظام ريجيم موجود في إحدي المجلات النسائية، المشكلة أن النظام كان منشورا علي صفحتين وبعدهما 25 صفحة بها أفضل الوصفات العالمية لعمل الكفتة، فانهارت التجربة مبكرا لكننا كسبنا شواية جديدة في البلكونة.

سألت برما إن كان يفكر في الريجيم من أجل الحفاظ علي مظهره وجماله؟، فقال لي يؤسفني أن أرد عليك بطريقة الدكتور مفيد شهاب.. فالجمال - من وجهة نظري- شأن داخلي.، قلت له (أومال إيه المشكلة؟) فقال: المشكلة في الهدوم.. عندما أنزل لشراء ملابس جديدة لا أجد مقاسي إلا في محلات الستائر، وهناك مشكلة أخري لها علاقة بشعوري الدائم بالإجهاد..لقد اكتشفت في الفترة الأخيرة إني بانهج وأنا طالع في الأسانسير، بعدها قررت أن أمارس الرياضة فاشتركت في الجيم وبعد أول يوم من التدريبات اكتشفت أنني أفضل الموت سمينا علي الموت وأنا أجدف في الجيم فوق مركب متخيل، بعدها قررت أن أتبع نظاما صحيا في الطعام فاكتشفت أن الطعام الصحي هو الطعام الذي يتم تقديمه في الجحيم، لا يسمن ولا يغني من جوع، إنه طعام أشبه بأن تقبل فتاة بشفاه صناعية بطعم الكولاجين، قلت لنفسي (الصبر شوية) ونصحتها فلنحب ما نأكل حتي نأكل ما نحب، لكنها ردت علي قائلة (الكلام ده تقوله في العاشرة مساءا)، قررت بعدها أن أكون شخصا نباتيا وظللت أسبوعا لا أتناول سوي الخضروات، لم يحدث أي تغيير ثم اكتشفت أنه إذا كانت الخضروات بتخسس لأصبحت الأفيال حفريات منذ زمن بعيد وهي الكائن الذي يعيش علي الخس والجزر وورق الشجر، خلال هذه الفترة كنت ألتقي كل يوم بشخص نحيف كنت أدقق النظر إلي الطريقة التي يأكل بها وهي طريقة تثير الشفقة فهو يتوقف عند اللحظة (اللي الأكل بيبتدي يحلو فيها) لأن معدته ضيقة، فعرفت أنه بداخل كل إنسان نحيف يوجد إنسان تخين.. مقهور.

تعاطفت مع برما بشدة علي الرغم من أنني أعرف جيدا أنه يبالغ فهو ليس سمينا أصلا، سألت برما (انت حاسس إنك زايد كام كيلو؟)، فقال لي بصراحة حاسس إن فيه زيادة علي قلبي بتاعت 150 كيلو، قلت له الـ 150 كيلو الزائدة لا تحتاج إلي طبيب تخسيس فأنا أعرفها جيدا، سألني ماذا تحتاج إذن؟، قلت له: هذه الزيادة تحتاج إلي مأذون..طلقها يا برما. 

قد تعتقد يا عزي الآن أنني من كتب ذلك المقال الساخر الجميل 
والحقيقة أنني لست صاحب هذا المقال
وإنما الكاتب هو الرائع عمر طاهر 
الكاتب الساخر الجميل 
ولقد قرأت المقال بالصدفة وتصادف أنني كنت أنوي كتابة مقال بنفس العنوان 
فلما وجدت هذا المقال رأيت أنني لن أستطيع مهما فعلت أن أبدع مقالا مثله 
ادعوا لعمر طاهر 
واقرءوا له 
أحبكم
.

السبت، 17 مارس 2012

هل سأبعث يوم القيامة بدينا ؟؟!!


من المعروف أن الإنسان يبعث على ما مات عليه 
لقول الرسول ( صلى الله عليه وسلم )"يبعث كل عبد على ما مات عليه" 

ليس المقصود من الحديث فقط الحالة الإيمانية التي يموت المرء عليها 
وإنما المقصود أيضا ( الهيئة ) التي مات عليها 
فقد ذهب العلماء إلى أن بعث الإنسان يوم القيامة يكون على ما مات عليه ( عملا وهيئة ) 
ورغم أنني ( وأنتم بالتأكيد ) أتمنى وأدعو الله دائما أن يحسن خاتمتي لأبعث يوم القيامة مؤمنا موحدا 

إلا أنه يشغلني كثيرا موضوع ( الهيئة ) التي سأبعث عليها 
فإذا كنت قد قضيت حياتي بدينا ومعذبا بسبب بدانتي فإنني أعتقد أنني سأموت بدينا 
لا شك عندي في ذلك 
ومعنى هذا أنني سأبعث يوم القيامة بدينا 

ورغم دهشتكم لتفكيري في هذا الموضوع ( على ما أتوقع ) إلا أن هذا الأمر يشغلني كثيرا 

وأتذكر قول الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) عن الصحابي أبي ذر الغفاري : " يعيش وحده ، ويموت وحده ، ويبعث يوم القيامة وحده " ( راجع تدوينتي السابقة ) فأتخيل الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) يقول لي : " تعيش بدينا ، وتموت بدينا ، وتبعث يوم القيامة بدينا " 
كان حكم الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وسلم ) بخصوص أبي ذر الغفاري ( أو على الأحرى نبوءته )  أبديا
لا مهرب منه ولا خلاص 
وأعتقد أن هذا أيضا هو حكم الله الأبدي علي 
فلا مهرب ولا مفر 
سأعيش بدينا ، وسأموت بدينا ، وسأبعث يوم القيامة بدينا 

لا أعترض على حكم الله 
وأنا راض بقضائه أيا كان 
وأوقن أنه ( سبحانه وتعالى ) لا يظلم أحدا 
وأن تدبيره محكم ، وحكمه هو العدل الخالص ، وأن رحمته قد وسعت كل شيء 
لكنني ( وربما تضحكون من سذاجتي ) أتمنى أن أبعث يوم القيامة نحيفا 

 ربما ستقولون : وما الفرق ؟ 
والحقيقة أنني أقول لنفسي ذلك أيضا 
خصوصا وأنا أتذكر جملة بديعة وردت في رواية ( لقيطة ) للكاتب الكبير محمد عبد الحليم عبد الله الذي أدمنت القراءة له عندما كنت في العاشرة من عمري ( أدعوكم لقراءة تلك الرواية العظيمة ) 
حيث قال بطل الرواية ( تعليقا على من أراد أن يهون عليه موت حبيبته بأن كل الناس يموتون ) : وماذا ينفعني إذا أنا مت أن أحدا قبلي قد مات أو لم يمت قبلي أحد " ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون " 

حقا 
وماذا ينفعني ( إذا أنا مت ) أن أبعث يوم القيامة بدينا أو نحيفا ؟ 

ولكن الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) إكمالا لهذا الحديث ( أو ربما في حديث آخر ) قال : إن الإنسان يبعث على ما مات عليه ، فإذا دخل الجنة رده الله ( سبحانه وتعالى ) إلى عمر الثلاثين 
وأنا ( إن شئتم الصراحة ) لا يهمني أن أعود إلى سن الثلاثين ولو مت وعمري مائة سنة ( رغم يقيني أنني سأموت صغيرا ) 
وإنما كل ما يعنيني أن أبعث نحيفا 
وأن أكون ( بالطبع ) من أهل الجنة 
نحيفا نحيفا نحيفا نحيفا 
أحبكم
.

الأحد، 11 مارس 2012

" رحم الله أبا ذر : يعيش وحده ، ويموت وحده ، ويبعث يوم القيامة وحده "

أحمل تقديرا خاصا طوال عمري لصحابي جليل هو أبو ذر الغفاري 
ربما لا تعرفونه ، أو ربما ( وهذا مؤكد ) سمعتم عنه دون أن تعرفوا عنه شيئا 
ما اجتذبني إلى هذا الرجل سببان 
الأول : زهده في الدنيا ومحاربته لكنز الأموال ، ودعوته إلى توزيع أموال الأمراء والأثرياء على الفقراء والمحتاجين حتى قالوا عنه : أول اشتراكي في الإسلام 
ولقد قال لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَا أَظَلَّتِ الخَضْرَاءُ، وَلاَ أَقَلَّتِ الغَبْرَاءُ عَلَى ذِي لَهْجَةٍ أَصْدَقَ مِنْ أَبِي ذَرٍّ! مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى زُهْدِ عِيْسَى فَلْيَنْظُرْ إِلَى أَبِي ذَرٍّ)
ففي عصر عثمان بن عفان استمرت الفتوحات وتدفقت الأموال من البلاد المفتوحة ، فارس والروم ومصر، وظهرت بين المسلمين ( لأول مرة بعد وفاة الرسول ) طبقات غنية كنزت الأموال ، وبنت القصور ، وعاشت عيشة الأمراء،  كما ظهرت بجانبهم طبقات فقيرة لا تجد ما تقتات به .

خرج أبو ذر إلى معاقل السلطة والثروة يغزوها بمعارضته معقلاً معقل اً، وأصبح في أيام معدودات الراية التي التفَّتْ حولها الجماهير والكادحون ، وكان إذا نزل بأرض ردد قول الله تعالى : {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} [التوبة: 34، 35]. ولقد بدأ بأكثر تلك المعاقل سيطرة ورهبة هناك بالشام حيث معاوية بن أبي سفيان يحكم أرضًا من أكثر بلاد الإسلام خصوبة وخيرًا وفيئًا ، ويستشعر معاوية الخطر ، وتفزعه كلمات الثائر الجليل ، ولكنه يعرف قدره ، فلا يقربه بسوء ، ويكتب من فوره للخليفة عثمان بن عفان ، ويكتب عثمان لأبي ذر يستدعيه إلى المدينة ، ويجري بينهما حوار طويل ينتهي بأن يقول له أبو ذر : " لا حاجة لي في دنياكم " . 
وأرجو أن تلاحظوا الفرق الكبير بين هذا الصحابي العظيم وبين ما أصبح عليه الدعاة الآن الذين اتخذوا الدين تجارة ؛ فأصبحنا نرى ( وياللعجب ) رجال الدين وعلماءه هم الأكثر غنى ، يحاضرون ويلقون الدروس ويفتون ويقدمون البرامج على الفضائيات مقابل مبالغ خيالية ، بل إن أغلبهم لا يتقاضى أجره إلا بالدولار ، ويستمرون في كنز الأموال ، حتى أصبح الدين " بيزنيس " مضمونا ، فاستثمر الكثير من رجال الأعمال أموالهم في هذا المجال ، بعضهم فتح قنوات فضائية دينية تدر عليه الملايين ، وبعضهم يستضيف رجال الدين / المال في رحلات الحج والعمرة لجذب الحجاج والمعتمرين ، وبعضهم خصص خطوطا تليفونية للفتوى حيث الدقيقة بجنيه ونصف ، فمتى كان الدين " بيزنيس " ؟ وكيف نعقل أن يكون الدين وسيلة لكنز الملايين ؟ وبأي عقل نقبل أن يكون رجال الدين هم الطبقة الأكثر ثراء في مجتمع يعيش أغلبه تحت خط الفقر بكثير ؟ 


أما السبب الثاني الذي وضع حب هذا الرجل في قلبي فهو قول الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) له : " رحم الله أبا ذر ، يعيش وحده ، ويموت وحده ، ويبعث يوم القيامة وحده " 
قال الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ذلك بعد الهجرة عندما رأى أصحابه شخصا مقبلا وحده في الصحراء فلما تبينه الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ابتسم وقال : رحم الله أبا ذر ......... 
وحدته تلك تملكتني وأثارت إعجابي 
سبحان الله 
عاش وحيدا 
ومات وحيدا 
وسيبعث يوم القيامة وحده كما قال الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) 
أرى نفسي أشبهه 
طبعا لا أقصد زهده وتقواه 
وإنما أقصد عزلته ووحدته 
ولهذا أحببته 
رحم الله أبا ذر ، وحشرنا معه 
أحبكم
.

الخميس، 8 مارس 2012

أطول رحلة هروب في التاريخ : 30 سنة ، وما زلت أتخفى !!


أنا أعمل في مدرسة للتعليم الأساسي
أي أن المدرسة تضم مدرستين في الحقيقة
الأولى إعداية ، وهي المدرسة التي أعمل بها
والأخرى مدرسة ابتدائية
كما تضم المدرسة ( لسوء الحظ ) 3 فصول للحضانة
أنا المدرس الوحيد البدين تقريبا في المدرسة
منذ عدة سنوات كانت المدرسة الإعدادية ( التي أعمل فيها ) مستقلة في مبنى خاص بها
وكان الحال أفضل من ذلك بكثير بالنسبة لي
شيء قاسي جدا أن يعمل بدين مثلي في مدرسة تضم كل هذا العدد من الأطفال
الأطفال هم العدو الأول للبدين ....... هذه هي الحكمة التي علمتني إياها الحياة
لا أعرف هل يولد الطفل مزودا بغريزة اسمها الضحك والسخرية من أي بدين يراه أم أنها غريزة يكتسبها بعد الولادة
كل ما أعرفه أنني حريص جدا على عدم المرور على أي طفل ( أو مجموعة أطفال ) في الشارع
فلكم إذن أن تتخيلوا معاناتي وأنا أعمل في مدرسة فيها مئات الأطفال
أنا أحب التدريس جدا
ولكنهم يفسدون علي هذا الحب
ويجعلونني أكره تلك المهنة الجميلة
هناك عادات معينة وتقاليد مهمة ألتزم بها منها ما يلي :
أولا : عدم الدخول من بوابة المدرسة إلا بعد انتهاء الطابور وصعود التلاميذ إلى الفصول حتى لا أكون هدفا مكشوفا لنظراتهم وإيماءاتهم 

ثانيا : يحظر علي النزول إلى دورة المياه إلا خلسة وفي وقت يكون الفناء فيه خاليا من تلاميذ الابتدائي
وإذا كنتم تعرفون إصابتي بمرض السكر فإنه سيكون من السهل عليكم أن تدركوا معاناتي وأنا أقف ساعة أو ساعتيني محاولا اختلاس تلك اللحظة ( الآمنة ) التي يكون الفناء فيها خاليا لأسرع الخطى إلى دورة المياه 

ثالثا : يحظر علي ( بالطبع ) زيارة المبنى المجاور الخاص بالمدرسة الابتدائية للسؤال عن أولادي رغم إلحاحهم علي لفعل ذلك 

رابعا : ليس مسموحا لي بالانصراف من المدرسة إلا بعد التأكد من أن جميع تلاميذ المدرسة الابتدائية قد غادروا المدرسة وأن الفناء أصبح ( آمنا ) مما يتسبب في بقائي داخل المدرسة لأوقات طويلة جدا غير قادر على الانصراف
بالأمس وصلت إلى المدرسة مبكرا قليلا على غير عادتي
ولسوء الحظ كانت إدارة المدرسة تكرم الطلبة المتفوقين في طابور الصباح
وقفت إلى جانب سور المدرسة حائرا لا أعرف ماذا أفعل
من المستحيل أن أدخل إلى المدرسة إلا بعد انتهاء الطابور
( هكذا قلت لنفسي )
لم أعرف كيف أتصرف
بدأت أدور حول سور المدرسة محاولا استنفاذ هذه الدقائق الطويلة والمملة
وفي هذه اللحظة تذكرت شيئا غريبا
شيئا مضحكا مبكيا
لقد تذكرت أن الزمن يعيد نفسه
وأن هذا الموقف يتكرر في الحقيقة منذ 30 سنة
فمنذ 30 سنة ( وكنت في الصف الثالث الابتدائي ) كنت متعودا أن أقف في نفس المكان تقريبا ولنفس السبب أيضا
حيث كنت أتخفى في هذا المكان متفاديا الذهاب إلى بوابة المدرسة حتى لا يسخر مني بقية التلاميذ 


وكنت أظل واقفا في نفس هذا المكان حتى يدق الجرس ويبدأ الطابور
كان هذا المكان وقتها مليئا بالقمامة إلا أنه كان مكاني المفضل
وللأسف ....... بعد مرور 30 سنة
وبعد أن تغير الحال فأصبحت مدرسا لا طالبا
ما زال هذا المكان هو مكاني المفضل للاختباء بعيدا عن العيون
ثلاثييييييييييييييييين سنة ......... وما زلت أتخفى
ولله في خلقه شئون
أحبكم
.

الخميس، 1 مارس 2012

ما ابتلى الله إلا ليغفر ، ويرفع به الدرجات

 
أردت دائما أن تكون هذه المدونة مكانا تريحون فيه أعصابكم ، وتتخففون فيه من همومكم ، وتجدون فيه متنفسا لمشاكلكم 
ورغم أنني تعودت أن أنشر هنا ما تعرضت ( وأتعرض ) له من تمييز وقهر بسبب بدانتي ، مما قد يراه بعضكم سوداوية تتناقض مع ما أعلنته من أهداف لهذه المدونة ، إلا أنني أعتبر نشر ذلك مساهمة مني في مواجهة ما تمرون به جميعا بسبب بدانتكم أيضا ، ومحاولة لمساعدتكم ( ومساعدة نفسي أيضا ) لمواجهة ذلك التمييز ، وهو ما اعتبرته مبررا كافيا لاستمراري في نشر تلك الحكايات 
إلا أنني سأخالف اليوم بالفعل ما تمنيته دائما من أكون سببا في التخفيف عنكم لا زيادة همومكم 
نعم 
سأكون سببا اليوم في تكديركم وربما بكائكم 

اليوم قررت أن أحكي لكم فصة واقعية تموج بالشجن 
قصة كنت طرفا فيها 

اليوم سأحكي لكم عن ابن عمتي الشاب الذي توفي منذ عدة أيام 
أصيب رحمه الله منذ فترة بتليف في الكبد ( عافاكم الله ) 
وخاض رحلة علاج طويلة ومؤلمة ومرهقة 



هو متزوج وله بنت في الصف الثالث الثانوي ، وولد في السابعة عشرة من عمره ، وولد عاجز بيده ( كتبت عنه من قبل في مقال : حكايات خارج السياق ) وهو طالب في الصف الأول الإعدادي 

آلاف المصريين ( وربما ملايين المصريين ) مرضى بأمراض متنوعة من أشهرها أمراض الكبد 

ولم يكن ( رحمة الله عليه ) الشاب المصري الوحيد الذي تلف كبده ومات 
ولكنه انفرد بشيء آخر 
مأساة إنسانية مروعة تجعل لقصته أبعادا مختلفة عن قصص أمثاله من الشباب المصري المريض 
فمنذ عدة شهور وبعد أن تأكد له أنه سيموت قريبا لأن حالته قد ساءت ولن يجدي معها أي علاج ، فوجئت زوجته الشابة بجسم غريب تحت إبطها 
وبعد كشف وتحاليل اتضح أنها مريضة بمرض خبيث 
ليس هذا فقط وإنما اتضح أيضا أن المرض في مرحلة متأخرة ولن يجدي معه أي علاج 

وهكذا أصبح من الواضح والمؤكد أنهما ( الأب الشاب والأم الشابة والحمد لله على قضائه ) سيموتان ، وأن تلك العصافير الخضراء ( الأولاد ) سيخلو عليهما البيت من أبيهما الطيب ( الذي كان يؤذن في المسجد ويؤدي جميع الصلوات وخصوصا الفجر في أوقاتها ) وأمهما الحنون 

وأن على الأطفال مواجهة الحياة فرادى ( إلا من رحمة الله  ) ،
وأن الابن العاجز ( أرجوكم أن تقرءوا مقال : حكايات خارج السياق ) سيفتقد الأب والأم معا ، ليصبح يتيم الأب والأم وليواجه الحياة بيد واحدة وقلب جريح وبدون أب أو أم 

وأن البنت لن يكون لها أب يحبها أكثر من نفسه ، ولن يكون لها أم تحتويها وتحتضنها ، وأنها ستكبر قبل الأوان ، لتقوم بدور الأم الغائبة في آداء المهام المنزلية التي كانت أمها تكفيها إياها ، وتشفق عليها وهي الضعيفة النحيلة ( البنت ) بل وهي التي يخيل إليك إذا رأيتها أنها عظم بلا لحم 
وبكت القلوب دما لتلك المأساة 
وضرب الوالدان أروع المثل فكان كل واحد منهما يؤثر الآخر على نفسه فيطلب الزوج منها أن تنام لترتاح قليلا بينما تتوسل هي إليه أن يرتاح لأنه أولى منها بالراحة 

لا أعرف ماذا كانا يقولان لبعضهما 
وكيف فكرا في هذه العصافير الخضراء وماذا سيصيبهم بعد رحيلهما 
كل ما أعرفه أنني عدت من الخارج منذ عدة أيام لأفاجأ بهم يحملونه ويسرعون إلى المستشفى بعد أن تقيأ دما حتى وقع على الأرض 

كان الكل يبكي وينتحب 
وكان أخوه يتمرغ في الأرض حسرة على شقيقه 
وانطلقت خلفهم بعد أن استأجرت إحدى السيارات 
واتصلنا بهم من الطريق لنعرف إلى أي مستشفى توجهوا ، ليأتينا صوت أخيه وهو يعوي : أشرف مات 
وعرفت أنه توسل للموجودين معه في السيارة أن يرددوا الشهادتين عليه 
وأنه نطقها نقية مضيئة : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله 
وأنه ظل يردد : اللهم عجل عجل ، اللهم عجل عجل 
وسكت للأبد 
وعدنا به إلى البيت ملفوفا في بطانية 
وقد ارتاح أخيرا من كل أوجاعه وآلامه 
نام في سلام حيث لا ألم ولا عناء ولا مرض 
وصلنا إلى المنزل لنجد كل الأهل والجيران والمحبين في انتظارنا 

كان الكل يبكي 
وتلفت لأبحث عن أحمد ( ابنه العاجز ) فلم أجده 
وبحثت عن هديل ( ابنته ) فلم أجدها 
ثم حدث ما أبكى الجميع وجدد أحزانهم ووضع الملح على جروحهم 
لقد فوجئنا بهديل قادمة من بعيد عائدة من ( الدرس ) 

كانت تسير ذاهلة ( نظرها ضعيف ) ، لا تميز ما تراه 
حتى اقتربت من المنزل ورأت الجموع أمام البيت 
جرى أخوها الكبير نحوها 
لا أعلم ماذا قال لها 
ولكنها صرخت صرخة أدمت قلوبنا 
ثم وقعت على الأرض 
وحملوها إلى داخل المنزل 

وظللت أبحث عن أحمد 
وعندما صعدت إلى منزلي نظرت بألم إلى سطح منزلهم المجاور لنا لأفاجأ بما أحرق قلبي 
لقد وجدت أحمد الصغير جالسا فوق سطح منزلهم 
جالسا على الأرض 
يتخفى حتى لا يراه أحد 
وعلمت أنه تعود إذا كان متضايقا أن يجلس وحيدا 
وناديت أخاه فصعد إليه 
وطلب منه أخوه أن يدخل ليلقي نظرة أخيرة على أبيه فرد : أنا خايف 
قال له : ما تخافش يا حبيبي ، بابا نايم ، ومفيش حاجة تخوف 
ودخل أحمد على أبيه ، وانحنى فقبله من جبينه ، وفوجئ الموجودون بالولد الصغير يقول : مع السلامة يا بابا 
ليبكي الجميع بكاء هيستيريا 
لن أكلمكم عما فعلته زوجته 
وعما قالته وهي تودعه 
 وقد حكيت لكم كل هذه التفاصيل لتدركوا معي كم أن هذه الدنيا قاسية 
ولتغسلوا قلوبكم 
ولتتذكروا نعمة الله عليكم 
ولتحتقروا ابتلاءكم 
ولتعلموا بأنكم في فضل من الله ونعمة 
لا أعرف متى ستلحق به زوجته 
وأفكر كثيرا في هذا الابتلاء العظيم 
فلا أقول لنفسي إلا : هذا قدر الله 
وفي ابتلائه حكمة 
ما ابتلى إلا ليغفر ، ويرفع به الدرجات 
أرجوكم : اذكروهم جميعا بالدعاء 
أحبكم
.