blockquote> أنا تخين I m obese: ما ابتلى الله إلا ليغفر ، ويرفع به الدرجات

الخميس، 1 مارس 2012

ما ابتلى الله إلا ليغفر ، ويرفع به الدرجات

 
أردت دائما أن تكون هذه المدونة مكانا تريحون فيه أعصابكم ، وتتخففون فيه من همومكم ، وتجدون فيه متنفسا لمشاكلكم 
ورغم أنني تعودت أن أنشر هنا ما تعرضت ( وأتعرض ) له من تمييز وقهر بسبب بدانتي ، مما قد يراه بعضكم سوداوية تتناقض مع ما أعلنته من أهداف لهذه المدونة ، إلا أنني أعتبر نشر ذلك مساهمة مني في مواجهة ما تمرون به جميعا بسبب بدانتكم أيضا ، ومحاولة لمساعدتكم ( ومساعدة نفسي أيضا ) لمواجهة ذلك التمييز ، وهو ما اعتبرته مبررا كافيا لاستمراري في نشر تلك الحكايات 
إلا أنني سأخالف اليوم بالفعل ما تمنيته دائما من أكون سببا في التخفيف عنكم لا زيادة همومكم 
نعم 
سأكون سببا اليوم في تكديركم وربما بكائكم 

اليوم قررت أن أحكي لكم فصة واقعية تموج بالشجن 
قصة كنت طرفا فيها 

اليوم سأحكي لكم عن ابن عمتي الشاب الذي توفي منذ عدة أيام 
أصيب رحمه الله منذ فترة بتليف في الكبد ( عافاكم الله ) 
وخاض رحلة علاج طويلة ومؤلمة ومرهقة 



هو متزوج وله بنت في الصف الثالث الثانوي ، وولد في السابعة عشرة من عمره ، وولد عاجز بيده ( كتبت عنه من قبل في مقال : حكايات خارج السياق ) وهو طالب في الصف الأول الإعدادي 

آلاف المصريين ( وربما ملايين المصريين ) مرضى بأمراض متنوعة من أشهرها أمراض الكبد 

ولم يكن ( رحمة الله عليه ) الشاب المصري الوحيد الذي تلف كبده ومات 
ولكنه انفرد بشيء آخر 
مأساة إنسانية مروعة تجعل لقصته أبعادا مختلفة عن قصص أمثاله من الشباب المصري المريض 
فمنذ عدة شهور وبعد أن تأكد له أنه سيموت قريبا لأن حالته قد ساءت ولن يجدي معها أي علاج ، فوجئت زوجته الشابة بجسم غريب تحت إبطها 
وبعد كشف وتحاليل اتضح أنها مريضة بمرض خبيث 
ليس هذا فقط وإنما اتضح أيضا أن المرض في مرحلة متأخرة ولن يجدي معه أي علاج 

وهكذا أصبح من الواضح والمؤكد أنهما ( الأب الشاب والأم الشابة والحمد لله على قضائه ) سيموتان ، وأن تلك العصافير الخضراء ( الأولاد ) سيخلو عليهما البيت من أبيهما الطيب ( الذي كان يؤذن في المسجد ويؤدي جميع الصلوات وخصوصا الفجر في أوقاتها ) وأمهما الحنون 

وأن على الأطفال مواجهة الحياة فرادى ( إلا من رحمة الله  ) ،
وأن الابن العاجز ( أرجوكم أن تقرءوا مقال : حكايات خارج السياق ) سيفتقد الأب والأم معا ، ليصبح يتيم الأب والأم وليواجه الحياة بيد واحدة وقلب جريح وبدون أب أو أم 

وأن البنت لن يكون لها أب يحبها أكثر من نفسه ، ولن يكون لها أم تحتويها وتحتضنها ، وأنها ستكبر قبل الأوان ، لتقوم بدور الأم الغائبة في آداء المهام المنزلية التي كانت أمها تكفيها إياها ، وتشفق عليها وهي الضعيفة النحيلة ( البنت ) بل وهي التي يخيل إليك إذا رأيتها أنها عظم بلا لحم 
وبكت القلوب دما لتلك المأساة 
وضرب الوالدان أروع المثل فكان كل واحد منهما يؤثر الآخر على نفسه فيطلب الزوج منها أن تنام لترتاح قليلا بينما تتوسل هي إليه أن يرتاح لأنه أولى منها بالراحة 

لا أعرف ماذا كانا يقولان لبعضهما 
وكيف فكرا في هذه العصافير الخضراء وماذا سيصيبهم بعد رحيلهما 
كل ما أعرفه أنني عدت من الخارج منذ عدة أيام لأفاجأ بهم يحملونه ويسرعون إلى المستشفى بعد أن تقيأ دما حتى وقع على الأرض 

كان الكل يبكي وينتحب 
وكان أخوه يتمرغ في الأرض حسرة على شقيقه 
وانطلقت خلفهم بعد أن استأجرت إحدى السيارات 
واتصلنا بهم من الطريق لنعرف إلى أي مستشفى توجهوا ، ليأتينا صوت أخيه وهو يعوي : أشرف مات 
وعرفت أنه توسل للموجودين معه في السيارة أن يرددوا الشهادتين عليه 
وأنه نطقها نقية مضيئة : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله 
وأنه ظل يردد : اللهم عجل عجل ، اللهم عجل عجل 
وسكت للأبد 
وعدنا به إلى البيت ملفوفا في بطانية 
وقد ارتاح أخيرا من كل أوجاعه وآلامه 
نام في سلام حيث لا ألم ولا عناء ولا مرض 
وصلنا إلى المنزل لنجد كل الأهل والجيران والمحبين في انتظارنا 

كان الكل يبكي 
وتلفت لأبحث عن أحمد ( ابنه العاجز ) فلم أجده 
وبحثت عن هديل ( ابنته ) فلم أجدها 
ثم حدث ما أبكى الجميع وجدد أحزانهم ووضع الملح على جروحهم 
لقد فوجئنا بهديل قادمة من بعيد عائدة من ( الدرس ) 

كانت تسير ذاهلة ( نظرها ضعيف ) ، لا تميز ما تراه 
حتى اقتربت من المنزل ورأت الجموع أمام البيت 
جرى أخوها الكبير نحوها 
لا أعلم ماذا قال لها 
ولكنها صرخت صرخة أدمت قلوبنا 
ثم وقعت على الأرض 
وحملوها إلى داخل المنزل 

وظللت أبحث عن أحمد 
وعندما صعدت إلى منزلي نظرت بألم إلى سطح منزلهم المجاور لنا لأفاجأ بما أحرق قلبي 
لقد وجدت أحمد الصغير جالسا فوق سطح منزلهم 
جالسا على الأرض 
يتخفى حتى لا يراه أحد 
وعلمت أنه تعود إذا كان متضايقا أن يجلس وحيدا 
وناديت أخاه فصعد إليه 
وطلب منه أخوه أن يدخل ليلقي نظرة أخيرة على أبيه فرد : أنا خايف 
قال له : ما تخافش يا حبيبي ، بابا نايم ، ومفيش حاجة تخوف 
ودخل أحمد على أبيه ، وانحنى فقبله من جبينه ، وفوجئ الموجودون بالولد الصغير يقول : مع السلامة يا بابا 
ليبكي الجميع بكاء هيستيريا 
لن أكلمكم عما فعلته زوجته 
وعما قالته وهي تودعه 
 وقد حكيت لكم كل هذه التفاصيل لتدركوا معي كم أن هذه الدنيا قاسية 
ولتغسلوا قلوبكم 
ولتتذكروا نعمة الله عليكم 
ولتحتقروا ابتلاءكم 
ولتعلموا بأنكم في فضل من الله ونعمة 
لا أعرف متى ستلحق به زوجته 
وأفكر كثيرا في هذا الابتلاء العظيم 
فلا أقول لنفسي إلا : هذا قدر الله 
وفي ابتلائه حكمة 
ما ابتلى إلا ليغفر ، ويرفع به الدرجات 
أرجوكم : اذكروهم جميعا بالدعاء 
أحبكم
.

هناك تعليق واحد:

  1. الله يرحمه ويصبر زوجته واولاده ويجعل مثواه الجنه

    ردحذف