blockquote> أنا تخين I m obese: حب ما تأكل ، ولا تأكل ما تحب

الأحد، 18 مارس 2012

حب ما تأكل ، ولا تأكل ما تحب


رن التليفون رديت فوجدت برما (بتتكلم من فين؟) فقال (من عند الدكتور أنس عبد الرحمن الذهبي استشاري طب الأطفال)، الدكتور أنس هو أول من عرفني علي برما، لكنني لم أعرف أن برما يتردد عليه في العيادة، سألت برما (حد من الولاد عندك جري له حاجة؟) فأقسم لي أنه لم- ولن - ينجب وأنه علي استعداد لتحليل الدي إن إيه لمن يشكك في هذه المعلومة، فقلت له لعل المانع خير!، فقال في بداية الزواج حدثت قصة فقررت ألا أنجب بعدها أبدا، قلت له (احكيهالي)، فقال لي طيب أقفل وكلمني علي تليفوني علشان الدكتور أنس عايز الموبايل بتاعه.

اتصلت فحكي (منذ تزوجت وأنا أري حمايا المسن يجلس في البلكونة دائما إلي جوار قصاري الزرع وإلي جواره ترابيزة عليها الصحف وعلب الأدوية وراديو مثبت علي إذاعة القرآن الكريم، لم أره يوما ما يمارس أي نشاط آخر، بدا أنه أب أنهي رسالته وجوز البنات والأولاد وجلس يستمتع بشيخوخته، وفي يوم كانت العائلة كلها في الطريق إلي المصيف، وتوقفت السيارات لالتقاط الأنفاس في استراحة الماستر، وأثناء تناولي للقهوة مع شقيق زوجتي شهق وضرب صدره بانزعاج سألته فيه إيه فقال لي..تصدق نسينا الحاج في البلكونة)، أنهي برما القصة ثم قال (بصراحة خفت بعدها من أن ألقي هذا المصير... فقررت ألا أنجب أولادا ممكن ينسوني في مكان أخطر من البلكونة).

(بس انت ماقولتليش بتعمل إيه عند الدكتور)، قال برما: كنت أستشيره بخصوص الذهاب إلي طبيب تخسيس، قلت له وهل تعاني من زيادة تستوجب منك الذهاب إلي طبيب؟، فقال لي : لم أتخذ قرارا بعد، فأنا لدي تحفظات علي موضوع الريجيم، فالريجيم قائم علي نظريات ثقيلة الدم ليس بها رائحة المشاعر الإنسانية، فالريجيم أن تأكل ما تحب بشرط ألا تبتلع شيئًا منه، وهناك نظرية أخري تقول إن الريجيم أن تأكل كما تحب من أصناف لا تحبها، وأنا بصراحة جربت الريجيم من قبل لمدة 28 يوما واكتشفت بعدها أن كل ما فقدته هو أربعة أسابيع من عمري، وقالوا لي زمان الأهم من الريجيم هو أن تتناول طعاما متوازنا وقضيت فترة في ضبط موضوع التوازن هذا فكنت أشتري ساندوتشين شاورمة فراخ من مؤمن وأضع كل واحد في يد ولا ألتهمهما إلا إذا تأكدت أن وزنهما في اليدين متوازن، بعدها لم أعد قادرا علي أن أدخل مؤمن من الباب ولأنهم ناس محترمون كانوا يسمحون لي بالدخول من باب الطيارين (بتوع الدليفري).

أنا أصلا كنت رفيع زمان - والكلام لبرما- وظللت طوال فترة المراهقة أسمع من أمي نصيحة واحدة (عشان خاطري ماتاكلش بسرعة) كانت تري أن نحافتي سببها إني لا أمضغ الطعام جيدا، وبعد الزواج كانت زوجتي توجه لي النصيحة نفسها تقريبا بس حذفت كلمة (بسرعة).

ضحكت فقال لي أنا أصلا تعرفت إلي زوجتي في مطعم، وكان هذا اللقاء هو حكمة حياتي الزوجية، كانت الخروجة جماعية وطلب كل واحد طبقا مختلفا وعندما نزلت الأطباق نسيت ما أمامي وظللت أتطلع إلي ما يأكله أصدقائي وأري طبقي هو الأقل إمتاعا، علي الرغم من أنني اخترت طبقي بنفسي وعن قناعة كاملة، ثم اكتشفت أنني أمارس الطقس نفسه بعد الزواج ولكن علي مستوي الزوجات.

قلت لبرما أعتقد أنه حال معظم المتزوجين، قال برما : أقضي ساعات أشاهد إعلانات قبل وبعد، واكتشفت أنني قابع في مرحلة قبل منذ سنوات وبمرور الوقت اكتشفت أنني تجاوزت هذه المرحلة ودخلت مرحلة (قبل الميلاد)، كنت أري الإعلانات وأسأل نفسي إن كانت صادقة (مستحضرنا يجعلك تفقد أربعة كيلوجرامات في أسبوعين؟) الأمر الذي يعني أنني قد اختفي تماما بنهاية العام إذا واظبت علي هذه المستحضرات، كانت الإعلانات تصر علي موضوع الفقد هذا إلي أن اكتشفت بعد شراء المستحضرات أنني لم أفقد سوي نصف دخلي الشهري.

قلت لبرما بصراحة الأكل متعة فقال لي : تعرف ما هي مشكلة الطعام؟..المشكلة أن ما يستقر فوق لسانك لثوان يستقر فوق أردافك إلي الأبد، وبصراحة لقد اكتشفت أني وزني ازداد عندما صرت أقف لفترات طويلة أمام المرآة (بالجنب)، فكرت في أن أمنع دخول الطعام إلي المنزل نهائيا وطلبت من زوجتي أن (تروح تاكل عند أمها)، أصبح البيت خاليا من حتي ذرة ملح إلي أن ضبطت فأرا يدخل من البلكونة في يوم ويحمل فوق رأسه قطعة جبن، هنا صعبت عليا مراتي فسمحت لها بالعودة، أشارت علي زوجتي بعدها باتباع نظام ريجيم موجود في إحدي المجلات النسائية، المشكلة أن النظام كان منشورا علي صفحتين وبعدهما 25 صفحة بها أفضل الوصفات العالمية لعمل الكفتة، فانهارت التجربة مبكرا لكننا كسبنا شواية جديدة في البلكونة.

سألت برما إن كان يفكر في الريجيم من أجل الحفاظ علي مظهره وجماله؟، فقال لي يؤسفني أن أرد عليك بطريقة الدكتور مفيد شهاب.. فالجمال - من وجهة نظري- شأن داخلي.، قلت له (أومال إيه المشكلة؟) فقال: المشكلة في الهدوم.. عندما أنزل لشراء ملابس جديدة لا أجد مقاسي إلا في محلات الستائر، وهناك مشكلة أخري لها علاقة بشعوري الدائم بالإجهاد..لقد اكتشفت في الفترة الأخيرة إني بانهج وأنا طالع في الأسانسير، بعدها قررت أن أمارس الرياضة فاشتركت في الجيم وبعد أول يوم من التدريبات اكتشفت أنني أفضل الموت سمينا علي الموت وأنا أجدف في الجيم فوق مركب متخيل، بعدها قررت أن أتبع نظاما صحيا في الطعام فاكتشفت أن الطعام الصحي هو الطعام الذي يتم تقديمه في الجحيم، لا يسمن ولا يغني من جوع، إنه طعام أشبه بأن تقبل فتاة بشفاه صناعية بطعم الكولاجين، قلت لنفسي (الصبر شوية) ونصحتها فلنحب ما نأكل حتي نأكل ما نحب، لكنها ردت علي قائلة (الكلام ده تقوله في العاشرة مساءا)، قررت بعدها أن أكون شخصا نباتيا وظللت أسبوعا لا أتناول سوي الخضروات، لم يحدث أي تغيير ثم اكتشفت أنه إذا كانت الخضروات بتخسس لأصبحت الأفيال حفريات منذ زمن بعيد وهي الكائن الذي يعيش علي الخس والجزر وورق الشجر، خلال هذه الفترة كنت ألتقي كل يوم بشخص نحيف كنت أدقق النظر إلي الطريقة التي يأكل بها وهي طريقة تثير الشفقة فهو يتوقف عند اللحظة (اللي الأكل بيبتدي يحلو فيها) لأن معدته ضيقة، فعرفت أنه بداخل كل إنسان نحيف يوجد إنسان تخين.. مقهور.

تعاطفت مع برما بشدة علي الرغم من أنني أعرف جيدا أنه يبالغ فهو ليس سمينا أصلا، سألت برما (انت حاسس إنك زايد كام كيلو؟)، فقال لي بصراحة حاسس إن فيه زيادة علي قلبي بتاعت 150 كيلو، قلت له الـ 150 كيلو الزائدة لا تحتاج إلي طبيب تخسيس فأنا أعرفها جيدا، سألني ماذا تحتاج إذن؟، قلت له: هذه الزيادة تحتاج إلي مأذون..طلقها يا برما. 

قد تعتقد يا عزي الآن أنني من كتب ذلك المقال الساخر الجميل 
والحقيقة أنني لست صاحب هذا المقال
وإنما الكاتب هو الرائع عمر طاهر 
الكاتب الساخر الجميل 
ولقد قرأت المقال بالصدفة وتصادف أنني كنت أنوي كتابة مقال بنفس العنوان 
فلما وجدت هذا المقال رأيت أنني لن أستطيع مهما فعلت أن أبدع مقالا مثله 
ادعوا لعمر طاهر 
واقرءوا له 
أحبكم
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق