عبارة كثيرا ما نسمعها
وتعرفها جيدا الأخوات البدينات
( حلوة بس تخينة )
يا لها من كلمة قاسية
ويالها من مفارقة
تفترض العبارة بحسم أن الجمال والبدانة لا يجتمعان
وبذلك فإنك إذا كنت بدينة فقد خرجت تماما من حزب الجميلات
وكتب عليك الشقاء للأبد
يعترفون بأنك ( حلوة ) ثم يكملون بقلب بارد لا يعرف الرحمة : ( بس تخينة )
يقولونها بأسى وهم يهزون رءوسهم علامة التحسر ولسان حالهم يقول : ( يا خسارة )
ربما يقولها العريس المنتظر لصديقه بعد أن رءاك ، وربما تقولها أم العريس لابنها الذي يبدي رغبة ( على غير العادة ) في الزواج من بدينة ، وربما يقولها آخرون لا يجمعهم أي شيء إلا رفض البدانة رفضا قاطعا
لا يلتفت ذلك العريس إلى أنه كان من الوارد أن تكون أخته بدينة وتعيش تلك التجربة المريرة ، ولا تفكر تلك الأم بقلب وعقل أم تلك الفتاة المعذبة ( معذبة : نعت مجرور بالكسرة ، وللمفارقة فالمنعوت في الجملة كلمتان : الأم ، والفتاة ؛ فكلتاهما معذبتان )
يعترفون بأن البنت جميلة ولكنهم ليسوا على استعداد لقبول هذا ( الجمال البدين )
وربما يعترفون للبنت بخفة الدم ، أو بالثقافة ، أو بعراقة الأصل ، أو بالتعليم الراقي ، أو بالمركز المرموق ...... أو بغير ذلك من الصفات التي يتمنى كل شاب وجودها في شريكة حياته ، ولكن بشرط ألا تجتمع كل تلك الصفات الرائعة مع البدانة
التوبة تجب ما قبلها
والتائب من الذنب كمن لا ذنب لها
فقط هناك ذنب وحيد ليس له من توبة وليس له من كفارة
البدانة
البدانة تجب ما عداها
وهكذا نجد ( عريس الغفلة ) مستعدا لغض الطرف عن عراقة الأصل والمستوى التعليمي والمركز الاجتماعي ( وربما المستوى الأخلاقي ) ولكنه ليس على استعداد أن يتنازل عن ذلك الشرط الصارم
( الجسم الممشوق )
وفي مجتمع بلا قلب لا يتوقف أحد للحظة واحدة ليسأل نفسه عن هذه الفتاة المنكوبة ببدانتها
المعاقبة بلا ذنب
الوحيدة
المنفية
المنبوذة
المضطهدة
( كل المرافئ لا تبدد وحشتي ..... ما دام منفاي الكبير بداخلي )
لا يضع أحد نفسه مكانها
ولا يتخيل أحد عذابها وهي تفتقد الرجل الذي تحتاجه كل بنت وتفكر فيه كل أنثى وتستحقه كل فتاة
المعوقة ( مع كامل احترامنا لها ) تتزوج
والطويلة ، والقصيرة ، وأصحاب السمعة السيئة ، والمتعلمات ، وغير المتعلمات ، والجميلة ، والقبيحة ، والبيضاء ، والسمراء ، والجاهلة التي لا تستطيع كتابة اسمها ، والبذيئة ، ومن تشققت أقدامها من السير حافية
كلهن
كلهن بلا استثناء يتزوجن
وحدها البدينة تعيش وحيدة لتتألم في صمت
أعرف فتيات كثيرات يتزوجن في الخامسة عشرة ( وأحيانا أقل ) ليكون عندها أطفال في الصف الأول الابتدائي وهي لم تتجاوز العشرين من عمرها
وأعرف فتيات ( للإنصاف فإن البدانة ليست السبب الوحيد في العنوسة ) يتجاوزن الثلاثين وهن بلا زواج بسبب البدانة
تموت الواحدة منهن في اليوم ألف مرة
وتقضي حياتها متنقلة من ريجيم إلى ريجيم لكي تنال رضا المجتمع ورضا العريس الذي لا يأتي
أنا بدين
وعانيت مرارا بسبب بدانتي
ولكنني أعترف بأن معاناتي لا تقارن بمعاناة أي أخت بدينة
أنا أتألم لأجلكن
وأشعر بما تعانين منه
أحبكم وأتمنى أن أساعدكم
وأعدكم أن تكون هذه قضيتي ما حييت
.