طوال سنين الدراسة كان هناك يوم في السنة هو الأسوأ على
الإطلاق
يوم ملون بلون الحزن
يوم أظل أحمل همه على كتفي من اليوم الأول للدراسة وحتى يمر
فإذا مر كنت أسعد إنسان في الوجود
إنه اليوم الذي كانوا يصطحبوننا فيه إلى أقرب وحدة صحية لعمل التحليل
والسبب في خوفي من هذا اليوم أنه كان يتم وزننا قبل إجراء التحليل
إنه يوم السخرية الموجعة
والضحكات الرقيعة
لا أذكر أننا مررنا بهذا اليوم المريع في المرحلة الابتدائية
ولكن تفاصيل هذا اليوم في المرحلتين الإعدادية والثانوية تلتصق بالذاكرة كوطواط ملعون
لا أنساها
ولن أنساها
في صباح أحد الأيام وكنت في الصف الثالث الإعدادي حيث كنت الأول على المدرسة بلا منازع ومن تكرار القول أن مكانتي المميزة في المدرسة لم تكن تمنع عني السخرية
بل ربما كانت سببا فيها
كما لم تكن تلك المكانة الرفيعة التي أتبوأها تمثل أي تعويض لي عما أشعر به من نقص ودونية بسبب بدانتي
المهم
كانت المدرسة في قريتي الريفية
وقريبة من المنزل
وفي هذا اليوم المشئوم اصطحبونا
وكنا مدرسة مختلطة
إلى الوحدة الصحية المجاورة لإجراء التحليل كما كان معتادا أيامها
وربما إلى الآن
كنت أقف في الصف منتظرا دوري
متمنيا في قرارة نفسي أن تقوم الساعة أو تهتز الأرض قبل أن تقع الواقعةةة فيحل دوري
كل طالب يسلم العينة ويتقدم إلى الميزان
كان الموظف ينطق الوزن بصوت عالي
لسوء الحظ
حتى يكتبه زميله في الركن الآخر من الغرفة
وكنت أتمزق ألما وخوفا وأتمنى لنفسي الموت حتى لا أتعرض لهذا الموقف المشين
وحلت اللحظة الحاسمة
سلمت العينة وتقدمت بخطوات مرتعشة وجسد ينتفض كأنه محموم
كنت أشعر أنني أتقدم إلى منصة الإعدام
وحدث ما توقعته
وأكثر
فتح الموظف فاه وأطلق ضحكة رقيعة وهو يقول بصوت عالي 95 كيلو
ولم يقصر الموجودون في الحجرة
ما بين ساخر بوقاحة ومندهش غاية الاندهاش من أن يصل وزن طالب في الصف الثالث الإعدادي إلى 95 كيلو ومن يضحك بكل صفاقة
وأنا واقف في المنتصف مستسلما لحفلة الشواء السادية منزوعة القلب
وأتعجب الآن من نفسي
ما الذي كان سيضيرني لو رفعت صوتي مستنكرا تلك السادية وهذا الانتهاك غير الإنساني لآدميتي
ولا أستغرب ذلك الجبن الذي أورثتني إياه البدانة
يومها لم أكف عن البكاء
ولكنني وياللعجب لم أشكو لوالدي ولا لوالدتي
فقد كان مجرد الكلام في هذا الموضوع يجرحني
مع أنني لو كنت قد تعودت على الشكوى والمصارحة فربما أعفاني ذلك من تلال الأحزان والمشاعر السلبية التي أجرجرها خلفي منذ ولدت وحتى اليوم
الإطلاق
يوم ملون بلون الحزن
يوم أظل أحمل همه على كتفي من اليوم الأول للدراسة وحتى يمر
فإذا مر كنت أسعد إنسان في الوجود
إنه اليوم الذي كانوا يصطحبوننا فيه إلى أقرب وحدة صحية لعمل التحليل
والسبب في خوفي من هذا اليوم أنه كان يتم وزننا قبل إجراء التحليل
إنه يوم السخرية الموجعة
والضحكات الرقيعة
لا أذكر أننا مررنا بهذا اليوم المريع في المرحلة الابتدائية
ولكن تفاصيل هذا اليوم في المرحلتين الإعدادية والثانوية تلتصق بالذاكرة كوطواط ملعون
لا أنساها
ولن أنساها
في صباح أحد الأيام وكنت في الصف الثالث الإعدادي حيث كنت الأول على المدرسة بلا منازع ومن تكرار القول أن مكانتي المميزة في المدرسة لم تكن تمنع عني السخرية
بل ربما كانت سببا فيها
كما لم تكن تلك المكانة الرفيعة التي أتبوأها تمثل أي تعويض لي عما أشعر به من نقص ودونية بسبب بدانتي
المهم
كانت المدرسة في قريتي الريفية
وقريبة من المنزل
وفي هذا اليوم المشئوم اصطحبونا
وكنا مدرسة مختلطة
إلى الوحدة الصحية المجاورة لإجراء التحليل كما كان معتادا أيامها
وربما إلى الآن
كنت أقف في الصف منتظرا دوري
متمنيا في قرارة نفسي أن تقوم الساعة أو تهتز الأرض قبل أن تقع الواقعةةة فيحل دوري
كل طالب يسلم العينة ويتقدم إلى الميزان
كان الموظف ينطق الوزن بصوت عالي
لسوء الحظ
حتى يكتبه زميله في الركن الآخر من الغرفة
وكنت أتمزق ألما وخوفا وأتمنى لنفسي الموت حتى لا أتعرض لهذا الموقف المشين
وحلت اللحظة الحاسمة
سلمت العينة وتقدمت بخطوات مرتعشة وجسد ينتفض كأنه محموم
كنت أشعر أنني أتقدم إلى منصة الإعدام
وحدث ما توقعته
وأكثر
فتح الموظف فاه وأطلق ضحكة رقيعة وهو يقول بصوت عالي 95 كيلو
ولم يقصر الموجودون في الحجرة
ما بين ساخر بوقاحة ومندهش غاية الاندهاش من أن يصل وزن طالب في الصف الثالث الإعدادي إلى 95 كيلو ومن يضحك بكل صفاقة
وأنا واقف في المنتصف مستسلما لحفلة الشواء السادية منزوعة القلب
وأتعجب الآن من نفسي
ما الذي كان سيضيرني لو رفعت صوتي مستنكرا تلك السادية وهذا الانتهاك غير الإنساني لآدميتي
ولا أستغرب ذلك الجبن الذي أورثتني إياه البدانة
يومها لم أكف عن البكاء
ولكنني وياللعجب لم أشكو لوالدي ولا لوالدتي
فقد كان مجرد الكلام في هذا الموضوع يجرحني
مع أنني لو كنت قد تعودت على الشكوى والمصارحة فربما أعفاني ذلك من تلال الأحزان والمشاعر السلبية التي أجرجرها خلفي منذ ولدت وحتى اليوم